توجيهات منهجية - 1 - الإشاعات والتثبت

الإشاعات والتثبت الرجوع للعلماء

د. عبدالله المحيسني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فهذه سلسلة بعنوان (توجيهات جهادية) نرسلها من أرض الشام أرض الجهاد والرباط لإخواننا المجاهدين في الساحات الجهادية، ولإخواننا المجاهدين في ساحة الشام ولعامة المسلمين في أرض الله.. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه السلسلة شاهدةً لنا يوم القيامة، وأن يجعلها مما يجري لنا أجره بعد فراقنا هذه الدار، وأسأل الله أن تُصدَّق الكلمات بدمائنا، وأن يجعلها الله خالصة لوجهه.
أما الرسالة الأولى في هذه السلسلة؛ فهي رسالة لكل امرئٍ كتب الله له الجهاد في سبيله، لكل امرئٍ نظر إلى الساحة الجهادية، ولك مجاهد حمل سلاحه، واتجه إلى أعداء الله يقدِّم روحه رخيصةً بين يدي الله سبحانه وتعالى، يبتغي الموت مظانه.
أقول: أيها المجاهد! في خضم هذه الأحداث والمتقلبات، وفي خضم تعدد الآراء، وكثرة المتحدثين، واختلاف الناس في نظرهم إلى الساحة، نظرهم إلى تحديد الحق، ونظرهم إلى غير ذلك من الأمور.. إني أوصيك بوصايا أحسب أنها كفيلة بأن تهديك بإذن الله إلى جادة الحق وإلى طريق الصواب، ألم يقل رب العالمين: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء:83].
أيها المجاهد! إنك تنظر اليوم حال المجاهدين في الساحة، فما أن يذاع خبر من هنا أو ههنا؛ إلا ويطير به الركبان، ويتناقله الناس، ويغرد به المغردون، وقلة هم أولئك الذين يتبعون المنهج النبوي في التعامل مع الأخبار والشائعات، في التعامل مع ما يتناقله كثير من الناس، الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ [النساء:83]، وهذا الذي يجري، حينما يقال لك: إن الفصيل الفلاني فعل كذا، أو صرح بكذا، أو توجه إلى كذا، أو جلس مع كذا أو أن فصيلك فعل كذا، أو أن محكمة فعلت كذا، أو ... عدد من المظالم والأخطاء أو الأحداث، فقبل أن تذيع هذا الأمر؛ الله سبحانه وتعالى أمرك، أمرك رب العزة بأمور:
- الأمر الأول: أن تتثبت، فليس كل ما يقال حقاً، لا سيما في زمن الفتن، لا سيما في زمن الأحداث، ألم يقل الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]، أين التبيّن؟ وفي قراءة: (فتثبتوا)، هذا أمر عام للمسلمين، وكذلك الله خصك أيها المجاهد بأمر آخر، وهو أن تزداد تبيناً مع تبينك، فيقول رب العزة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ إذاً؛ هذا خطاب لك أيها المجاهد، ﴿إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا [النساء:94]، أي تبينوا في الحكم على الناس لا سيما في إخراج الناس من دائرة الإيمان، ﴿فَتَبَيَّنُوا إن أردت النجاة، وإن أردت منهج رسولك عليه صلى الله عليه وسلم.. فاللهَ اللهَ في التبيّن، لاسيما في زمن الفتن، ولا سيما في زمن النزاعات، ولا سيما في زمن الجماعات والأقران؛ فإن للعلماء كلمة تدون بمداد من ذهب، قالوا: (كلام الأقران يطوى ولا يُروى)، أي الأنداد والأضداد؛ فكيف ونحن في ساحة يسعى فيها كل امرئ لإسقاط خصومه؛ فالله الله في التبين، ولا يجرمنك شنآن قوم على أن لا تعدل، اعدل هو أقرب للتقوى، فاتقِ الله سبحانه وتعالى في تلقي الأخبار.
الأمر الثاني: إذا جاءك أمر من الأمن أو الخوف، إذا سمعت خبراً، إذا تداخلت عليك الأمور؛ فعليك بالمنهج الرباني في التعامل مع الأحداث، إذ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ [النساء:83] أتدري من هم أولو الأمر، قال المفسرون: هم العلماء، لكن الله سبحانه وتعالى لم يأمرني ويأمرك -أيها المجاهد- أن ترجع إلى أي عالم، أو إلى أي مشهور، وإنما قال الله: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ [النساء:83]، فالعلماء الذين أمرنا أن نرجع إليهم؛ هم الذين جمعوا صفتين الصفة الأولى: أنهم من الراسخين في العلم، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ أي الذين يعرفون حدوده وحروفه، الذين يعرفون أحكامه، الذي يعرفون ناسخه ومنسوخه، الذين يعرفون عامه وخاصه، ومطلقه ومقيده؛ فكم والله.. كم بُلينا في الساحة الجهادية -وفي ساحة الشام تحديداً- بكثير ممن يُسمون بالشرعيين، من اعتلى هذا المقام، وأصبح شرعي جماعة، أو شرعياً في جماعة، وهو لا يملك من العلم ما يخوله لأن يقضي في دماء المسلمين، وأن يتكلم في نوازل المسلمين؛ لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «.. حتى إذا لم يُبْقِ عالماً؛ اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا».
الأولى أن يكون العالم من الراسخين، الثانية: أين يكون من الصادعين، فلا يكفي أن يكون عالماً لكنه ساكت عن الحق، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ [الأحزاب:39]، فإذا ما رأيت عالماً قد آتاه الله علماً وخشيةً وصدعةً؛ فعض عليه بالنواجذ، وتشبث بقوله، حتى إذا ما لقيت رب العالمين سبحانه وتعالى؛ قلت: أي ربِّ! أمرتني أن أتشبث بالعلماء، أمرتني أن أرجع إليهم؛ فسألتهم، وأخذت بقولهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سأل فأُفتيَ؛ فإنما إثمه على من أفتاه»..
فالله الله في التثبت في نقل الأخبار، الله الله في الرجوع إلى العلماء الصادعين الصادقين، الذين نحسبهم من ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ [الأحزاب:39].
الله الله في الإكثار من الدعاء؛ ليعصمك الله من الفتن، وإن يريك  الحق حقاً، وإن الله سبحانه يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا [الإسراء:74].
جزاكم الله عن المسلمين -يا من تذبون عن أعراض المسلمات- كل خير.

وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





سلسلة توجيهات منهجية للساحات الجهادية - 1"الإشاعات والتثبت"
د. عبدالله المحيسني
https://youtu.be/lQg2bCI5QbA
"
رابط تحميل مباشر للحلقة https://goo.gl/wZtF78
"
اشترك بقناة دايمة2 ليصلك جديد د. المحيسني..
على الرابط التالي: https://goo.gl/w7L6SV

"الإشراف"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

‹ لولا اللَّازم ؛ ما حصل المتعدِّي › ..

التاريخ حافل بالتغلب فلِمَ لا نتغلّب لتوحيد الساحة ؟!!

عمائم على بهائم